السفير الرحبي: العلاقات بين «مصر وسلطنة عمان» قوية ومترسخة على كافة المستويات

السفير عبد الله بن ناصر الرحبي
السفير عبد الله بن ناصر الرحبي

- هناك فرص واعدة للاستثمار بين مصر وعمان

- سلطنة عمان أعلنت إلغاء كافة الاحتفالات الرسمية بالعيد الوطني هذا العام تضامنا مع الشعب الفلسطيني

- نجحنا في تعزيز دور المحافظات لتحقيق النهج الحديث في الإدارة المحلية اللامركزية

 

في هذه الأيام تحتفل سلطنة عُمان بعيدها الوطني الثالث والخمسين للنهضة المجيدة الذي يصادف 18 نوفمبر من كل عام، حيث يشكل هذا التاريخ دلالة رمزية ووطنية تأول لما تم إنجازه تطلعاً وابتهاجًا بسير عُمان قدما على درب التَّقدم والازدهار، وبما تحقق من بذلٍ وعطاءٍ في نهضتها المتجدّدة وعهدها السعيد بقيادة السُّلطان هيثم بن طارق حفظه الله، سلطان عُمان، الذي يؤكد دائما سعيه الدؤوب لتعزيز مكانة الدولة العصرية والحضارية والاقتصادية وأن يكون الإنسان العُماني شريكًا حقيقيًّا في التنمية الشاملة.

وأكد السفير عبد الله بن ناصر الرحبي، سفير سلطنة عُمان لدى مصر ومندوبها الدائم بجامعة الدول العربية، في حواره لـ«بوابة أخبار اليوم»، أن سلطنة عمان سبق أن أعلنت إلغاء كافة الاحتفالات الرسمية بمناسبة العيد الوطني هذا العام، تضامنا مع ما يتعرض له الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، واقتصرت هذه المناسبة في إحياء ذكراها باستعراض عسكري تحت رعاية جلالة السلطان المعظم، وسوف تحتفل السفارات في الخارج بإحياء هذه الذكرى بحفل استقبال وكلمة للسفراء.

كما تحدث السفير عبد الله بن ناصر الرحبي، عن مسار سلطنة عمان نحو تحقيق رؤية 2040 تحت قيادة حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق، سلطان عُمان.

وأشار سفير سلطنة عُمان لدى مصر ومندوبها الدائم بجامعة الدول العربية، إلى العلاقات «المصرية – العمانية» الراسخة وتأثير الدبلوماسية الاقتصادية على تعزيز العلاقات بين الشعوب..

وإلى نص الحوار:

- في البداية.. حدثنا سعادة السفير عن مسار سلطنة عمان نحو تحقيق رؤية 2040؟

إن استشراف جلالة السُّلطان هيثم بن طارق، سلطان عُمان، لمستقبل سلطنة عمان - هذه الأرض الطيبة - انعكس إيجابا على تكامل وتناغم عمل المؤسسات والوحدات الحكومية والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني وهو ما ظهرت نتائجه جليًّا من منجزات ماثلة للعيان في مختلف المجالات اجتماعيًّا واقتصاديًّا وسياسيًّا.

 

وهنا أشير إلى اهتمام جلالةُ السُّلطان هيثم بن طارق، بدراسة آليات صنع القرار الحكومي بهدف تطويرها بما يخدم المصلحة الوطنية العليا، فجاء قرار إعادة هيكلة مجلس الوزراء في الـ16 من يونيو الماضي وهو الثاني منذ تولّي جلالته مقاليد الحكم ليؤكد حرصه السّامي على متابعة الجهود المبذولة في تجويد الأداء الحكومي لوحدات الجهاز الإداري للدولة تحقيقا لرؤية عُمان 2040، بالإضافة إلى إنشاء مجلس أعلى للقضاء برئاسة جلالتِه تكريسًا لنظام قضائي ناجز وتحقيق أرفع المعايير في العدالة والنزاهة والشفافية وتماشيًا مع أهداف وركائز رؤية عُمان 2040 وتوحيد جهات التقاضي والادعاء العام في منظومة قضائية واحدة.

تعزيز دور المحافظات في تحقيق الإدارة المحلية اللامركزية

وتابع السفير عبد الله بن ناصر الرحبي، قائلا: « كما شكّل المرسوم السُّلطاني السّامي بشأن تعزيز دور المحافظات أحد الأساليب المهمة في ترسيخ وتحقيق النهج الحديث للإدارة المحلية اللامركزية في عمل محافظات سلطنة عُمان البالغ عددها 11 محافظة من أجل تمكينها وتحديد أولوياتها تنمويًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا والاستفادة من الميزة النسبية بينها، وتبسيط الإجراءات الخدمية للمواطنين، والإسراع في التحول الإلكتروني والربط بين المحافظات لتبسيط الإجراءات وتسهيل المعاملات وتطوير الخدمات الحكومية وتحسين مستوى جودتها ومعالجة التحديات القائمة».

ثم جاء قرار إضافة ولايتين جديدتين إلى التقسيم الإداري لسلطنة عُمان، وذلك برفع المستوى الإداري لكل من نيابتي الجبل الأخضر وسناو، لتكونا بمستوى ولايتين، وليصبح عدد ولايات سلطنة عُمان (63) ولاية لجذب الاستثمارات إليها وتنمية مواردها والارتقاء بالخدمات والأنشطة فيها.

كما أن مواصلة حضرةِ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق، عقد لقاءات مباشرة مع شيوخ وأعيان سلطنة عُمان تحمل دلالات عميقة أبرزها حرصُه السَّامي على الاستماع المباشر لاحتياجات ولاياتهم ومحافظاتهم رغم وجود مؤسسات وأركان الدولة العصرية مثل مجلس عُمان الذي يضطلع بالجانبين التشريعي والرقابي والمجالس البلدية التي تقوم بأدوار تنموية وخدمية في كل محافظة.

منح المحافظات الصلاحية لإدارة شؤونها

وتابع السفير: «حملت هذه اللقاءات السَّامية التأكيد على أن تصبح اللامركزية هي التطبيق الإداري في المحافظات في المرحلة المقبلة، ومنح المحافظات الصلاحية لإدارة شؤونها، والتخطيط والتنفيذ لاحتياجات مواطنيها الداخلية، ما يجعل كل الأمور في المستقبل مرتبطة بالمُحافظة والمُحافظ والمجالس البلدية.»

 

- حدثنا عن الرؤية الاقتصادية لسلطنة عمان وما تحقق منها؟

تتّبع سلطنة عُمانخطّة أرساها حضرةُ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق، بكل عزم لتنفيذ تدابير وإجراءات نظرًا لما شهده العالم من آثار اقتصادية جراء جائحة كورونا وعددٍ من الأزمات العالمية، وكان على رأس هذه التدابير خطة التوازن المالي متوسطة المدى (2020-2024) التي أظهرت نجاحها من خلال ما حققته من نتائج تدعمها الخطة الخمسية العاشرة (2021-2025) وفقًا لمرتكزات رؤية عُمان 2040

وقد عبّر جلالتُه عن ارتياحه تجاه التغيير الإيجابي لمسار الأداء المالي للدولة وقدرة سلطنة عُمان على الالتزام والوفاء بتعهداتها المالية.

تحقيق نهضة اقتصادية وخفض حجم الدّيْن العام

وتمكّنت سلطنة عُمان خلال هذا العام وحتى نهاية أغسطس الماضي من تسديد قروض واستبدال بعض السندات مرتفعة الكُلفة بأخرى منخفضة بقيمة تزيد على 4 مليارات ريال عُماني، ومن خفض حجم الدّيْن العام بنحو 2.4 مليار ريال عُماني حتى نهاية أغسطس من العام الجاري ليبلغ 18.4 مليار ريال عُماني نتيجة لعددٍ من الإجراءات الحكومية المتخذة لدعم التعافي الاقتصادي، حيث انخفضت نسبة الدَّيْن العام إلى الناتج المحلي الإجمالي حتى 46.5 بالمائة مما مكّن الحكومة من خفض مخاطر الدَّيْن العام وخفض كُلفة فوائد الدَّيْن العام الواجب سدادها مستقبلًا بنحو 127 مليون ريال عُماني بجانب تحسين التصنيف الائتماني وغيرها من المنافع لتعزيز النمو الاقتصادي.

وأسهم ارتفاع القيمة المُضافة في الأنشطة النفطية والأنشطة غير النفطية بنهاية الربع الثاني من العام الجاري، في نموّ قيمة الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية بنحو 30.4 بالمائة لتبلغ 20.4 مليار ريال عُماني، مقارنة بنحو 15.6 مليار ريال عُماني بنهاية الربع المماثل من عام 2021م.

 

تنفيذ مشروعات تنموية مضافة للمشروعات المعتمدة

كما أن دعوة السُّلطان هيثم بن طارق، إلى أهمية هذا التفاعل بين المُحافظ والمجالس البلدية وجهاز الاستثمار العُماني وغرف التجارة والصناعة خاصة مع رفع مخصصات برنامج تنمية المحافظات إلى 20 مليون ريال عُماني وتنفيذ مشروعات تنموية مضافة إلى المشروعات المعتمدة في الخطة الخمسية العاشرة (2021- 2025) بما يزيد على 650 مليون ريال عُماني ليتم تنفيذها خلال ما تبقى من سنوات الخطة الخمسية الحالية في مختلف القطاعات، ستعزز النمو الاقتصادي وستسهم في استمرار توفير الخدمات، واستكمال البُنى الأساسية، ودعم أنشطة القطاع الخاص، وتوفير المزيد من فرص العمل للمواطنين.

 

 

- تظل القضية الفلسطينية الحدث الأبرز على الساحتين العربية والدولية حاليا.. حدثنا عن جهود سلطنة عمان في دعم القضية ومدى التنسيق مع مصر لإنهاء هذه الأزمة؟

 

هناك توافقًا «مصريًا ـ عمانيًا» وتقاربًا في مختلف قضايا المنطقة ومن القلب منها القضية الفلسطينية.

وتدين سلطنة عمان، الاعتداء الإسرائيلي على المدنيين واستمرار الممارسات اللا إنسانية ضد المرضى والعاملين بالمستشفيات والمجمعات الطبية في غزة، وهو الأمر الذي يشكل استمرارا للانتهاكات السافرة لمبادئ القانون الدولي والاستهتار بالمواثيق والأعراف الإنسانية.

وتعتبر سلطنة عمان أن استمرار التصعيد الخطير وسياسة العقاب الجماعي والانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني التي تمارسها قوات الاحتلال الإسرائيلي في حربها الغاشمة على قطاع غزة، بمثابة «جرائم حرب».

إقامة الدولة الفلسطينية ضرورة لحل الصراع

وهنا يجب التأكيد على دعم سلطنة عمان حكومة وشعبا لإقامة دولة للفلسطينيين، فما حدث في 7 أكتوبر الماضي لم يكن وليد اللحظة وإنما هو تراكمات أحدثتها الانتهاكات الإسرائيلية في حق الشعب الفلسطيني ومقدساته الإسلامية والمسيحية أيضا.

وندعو المجتمع الدولي، إلى القيام بدوره لحقن هذه الدماء ووقف النزيف اليومي وعمليات الإبادة تجاه سكان قطاع غزة.

كما حذرت سلطنة عُمان، مراراً وتكراراً، من مغبة العمليات العسكرية البريّة التي ينفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي، والتي تنذر بآثار كارثية خطيرة على المنطقة والعالم وعلى فرص تحقيق السلام والاستقرار، ونطالب المجتمع الدولي، بضرورة التدخل الفوري لوقف الحرب والانتهاكات الإسرائيلية المستمرة وفقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر بتاريخ 27 أكتوبر؛ حقناً لدماء الأبرياء وللتمكين من إيصال المساعدات الإنسانية العاجلة والضرورية للمدنيين.

 

- دائما ما تتحدثون عن مصطلح الدبلوماسية الاقتصادية وعلاقتها في تعزيز التعاون بين مصر وسلطنة عمان.. حدثنا عن ذلك؟

العلاقات الثنائية بين مصر وسلطنة عمان قوية ومترسخة على كافة المستويات، حيث شكلت زيارة جلالة السلطان هيثم بن طارق آل سعيد، لمصر ولقاءه الرئيس عبد الفتاح السيسي، نقلة مهمة في تطور العلاقات التاريخية المصرية العمانية في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية، وعكست خصوصية العلاقات بين البلدين القائمة على الشراكة الإستراتيجية المتشابكة والمتجذرة على المستويات الرسمية والشعبية.

وتحرص سلطنة عمان، بقيادة جلالة السلطان هيثم بن طارق، حريصة على تعزيز أطر التعاون القائمة بين البلدين وفتح آفاق جديدة للتعاون الثنائي بينهما في كافة المجالات خلال الفترة المقبلة، للبناء على النتائج الإيجابية التي تحققت خلال زيارة السلطان هيثم إلى جمهورية مصر العربية، وما تم توقيعه من اتفاقيات وتفعيل الاتفاقيات القديمة بين الجانبين خلال السنوات الأخيرة، خاصة بعد الزيارة الأولى للرئيس عبد الفتاح السيسي لعمان في عام 2018 ثم زيارته الثانية في عام 2022.

وتعد العلاقات «المصرية- العمانية» في الواقع نموذجا لما ينبغي أن تكون عليه العلاقات العربية- العربية، والعلاقات الدولية، من حيث التعاون وتعظيم المصالح المشتركة، ومن حيث التوافق في الرؤى والمواقف والتنسيق المستمر بينهما، فيما يتعلق بمواجهة التحديات الإقليمية والعالمية، وهي علاقات قديمة، ويجمع البلدين والشعبين روابط عضوية وقواسم مشتركة، وكان كل منهما سندا وداعما للآخر.

كما شهدت العلاقات الاقتصادية بين البلدين طفرة كبيرة وقد انعكس ذلك في تزايد حجم التبادل التجاري بين البلدين لأكثر من مليار دولار، ونسعى من خلال الدبلوماسية الاقتصادية بين البلدين إلى التحول بعلاقاتهما السياسية الراسخة إلى علاقات اقتصادية إستراتيجية تتوافق و«رؤية عمان 2040» مع «رؤية مصر 2030»، خاصة أن الرؤيتين تحملان طموحات كبيرة للمستقبل وتسعيان إلى تنويع مصادر الدخل وابتكار مصادر دخل أكثر ديمومة.

فرص استثمار واعدة بين مصر وسلطنة عمان

وهناك العديد من الفرص الواعدة في البلدين ويمكن للمستثمرين في الجانبين الاستثمار فيها، منها على سبيل المثال في مصر محور التنمية في قناة السويس والعاصمة الإدارية وقطاعات السياحة والمقاولات وغيرها، مما يمثل بيئة جاذبة للاستثمارات العمانية.

وهنا ندعو المستثمر المصري، للاستثمار في المشروعات الواعدة، التي حددتها الحكومة العمانية كأولوية في خطة 2040، خاصة في مجالات التعدين والصناعة والأمن الغدائي والنقل والسياحة وغيرها.

كما نشير هنا إلى عقد منتدى الأعمال المصري العماني على هامش زيارة السلطان هيثم بن طارق للقاهرة، والذي شارك فيه عدد كبير من الوزراء والمسؤولين في البلدين بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من رجال الأعمال؛ عمان، وما تبعه من لقاءات من أجل تعزيز الشراكة الاقتصادية بين البلدين.

اقرأ أيضا: الرئيس السيسي يهنئ سلطنة عمان بذكرى العيد الوطني